تولي الخلافة: بويع عبد الحميد بالخلافة في (9 شعبان 1293 هـ = 31 أغسطس 1876)، وكان في الرابعة والثلاثين من عمره، وهو الخليفة السابع والعشرون في الخلفاء العثمانيين، وتولَّى العرش مع اقتراب حرب عثمانية روسية جديدة، وظروف دولية معقدة، واضطرابات في بعض أجزاء الدولة، خاصة في البلقاناجتمعت الدول الكبرى في إستانبول في مؤتمر "ترسخانة" في (5 ذي الحجة 1293 = 23 ديسمبر 1876م)، لمناقشة الحرب القادمة، وتزامن ذلك مع إعلان المشروطية الأولى (الدستور)، ثم افتتاح مجلس المبعوثان (النواب) المنتخب من الولايات العثمانية المختلفة، حيث بدأت الخطوات الحثيثة نحو النظام البرلماني. ومع دق طبول الحرب العثمانية الروسية سحبت الدول الكبرى سفراءها من إستانبول، وتركت العثمانيين وحدهم أمام الروسوقعت الحرب في منتصف عام (1294 هـ = 1877م)، وعرفت بحرب 93، وتعد من كبرى حروب ذلك الوقت، ومني فيها العثمانيون بهزيمة كبيرة، واقترب الروس من إستانبول لولا تكتل الدول الأوروبية ضد روسيا، وحضور الأسطول الإنجليزي إلى ميناء إستانبول، وأُمليت على العثمانيين معاهدتي صلح هزليتين هما: آيا ستافانوس، وبرلين، اقتطعت فيهما بعض أراضي الدولة العثمانية، وفُرضت عليها غرامات باهظة، وهُجّر مليون مسلم بلغاري إلى إستانبول
تعطيل الدستور: شعر السلطان عبد الحميد بأنه أجبر على قرار الحرب بسبب ضغوط مدحت باشا -الصدر الأعظم - الذي حرّض طلبة العلوم الدينية العليا للقيام بمظاهرات تجبر السلطان على الحرب. تصاعد الرأي العام على إثر هذه المظاهرات داعيا إلى الحرب. رأى السلطان أن هناك قصورًا في الرأي العام ممثلا في المجلس الذي دفع بالأمة إلى الحرب في غير وقتها وبدون استعداد لها أو حاجة إليها؛ لذلك قام بتعطيل الحياة النيابية إلى أجل غير مسمى في (9 صفر 1295 هـ = 13 فبراير 1878م)، واستمر هذا التعطيل مدة ثلاثين عاما ونصف، بعد حياة نيابية استمرت عاما واحداوالملاحظ أن السلطان لم يلغِ الدستور أو ينحيه، بل استمر نشر الدستور في النشرة السنوية للدولة طيلة 31 عاما متوالية دون انقطاع، وإن كانت أحكامه لم تطبق. ولم يجتمع مجلس الأعيان، ولكنهم استمروا في تقاضي مرتباتهم بصورة رسمية مدى الحياة.. وعلى هذا الأساس فإن السلطان أدار دولته بصورة شخصية دون مجلس، في ظل دستور يمنع تدخل السلطان في شئون الحكومة؛ لهذا وسم السلطان بصفة المستبد والديكتاتوروقد استصوب السياسي الألماني بسمارك ما فعله السلطان عبد الحميد من حل مجلس المبعوثان (النواب)، وعلَّق عليه بقوله: "إن لم يكن قوام الدولة شعبًا واحدًا، فإن ضرر مجلسها يكون أكبر من نفعه"حكم السلطان حكمًا فرديًا من مقر إقامته في قصر ييلذر، وربط جميع مؤسسات الإمبراطورية بشخصه، غير أنه لم يستعمل القوة القسرية في حكمه، حيث لم يتدخل الجيش في الشئون الداخلية، وإن اعتمد السلطان على تحريات الأمن التي قامت بالعديد من التجاوزاتويلاحظ أن السلطان عبد الحميد كان بعيدًا عن سفك الدماء أو أسلوب الاغتيالات وتصفية معارضيه، وكان لا يلجأ إلى عقوبة السجن إلا في القليل، ثم يغيرها بالنفي. ولم يصدّق خلال سلطته الطويلة إلا على خمس عقوبات إعدام فقط، وهي أقل عدد من عقوبات الإعدام في تاريخ تركيا كلها
سياسته ومشاريعه:
كان عبد الحميد الثاني يرى ضرورة العمل على توحيد القوى الإسلامية لمجابهة الروح الاستعمارية الطامعة في الدولة العثمانية؛ لذلك سعى إلى طرح شعار الجامعة الإسلامية، وجعلها سياسة عليا لدولة الخلافة، فعمل على تدعيم أواصر الأخوة بين مسلمي الصين والهند وإفريقيا، ورأى في ذلك الشعار وسيلة لتوحيد الصفوف حوله وحول دولته في الداخل والخارج؛ فاستعان بمختلف الرجال والدعاة والوسائل لتحقيق غرضه، فأقام الكليات والمدارس، وربط أجزاء الدولة بـ30 ألف كيلومتر من البرق والهاتف، وبنى غواصة وعني بتسليح الجيشإلا أن أعظم مشروعاته الحضارية هو سكة حديد الحجاز لتيسير الحج على المسلمين، بحيث يستعاض بهذا المشروع عن طريق القوافل الذي كان يستغرق السفر به أربعين يومًا، وانخفضت المدة بالخط الحديدي إلى أربعة أياموقد خلق هذا المشروع العملاق حماسة دينية بالغة بعدما نشر عبد الحميد الثاني بيانًا على المسلمين يدعوهم فيه للتبرع، وافتتح القائمة بمبلغ كبير؛ فتهافت المسلمون من الهند والصين وبقية العالم على التبرع، باعتبار أن هذا المشروع هو مشروع المسلمين أجمعين. ووصل أول قطار إلى المدينة المنورة في (رجب 1326 هـ = أغسطس 1908م)، بعد ثمانية أعوام من الحماسة والعمل الدائبين
عبد الحميد والدول الكبرى
كان السلطان شخصيًا غير مرغوب فيه بالنسبة للدول الأوروبية؛ لأنه يمسك في قبضته ملايين المسيحيين، وبصفته خليفة للمسلمين فإن له نفوذا وسلطانا روحيا على رعايا الدول الأوروبية المسلمينلم يكن من الممكن لأي من الدول الكبرى أن تقتطع أجزاء من الدولة العثمانية في أوروبا أو البلقان في ظل وجود عبد الحميد الثاني؛ لذا أخذت فكرة إسقاطه تكتسب ثقلا كبيرًا في لندن وباريسكما أن سياساته فيما يتعلق بالجامعة الإسلامية وسكة حديد الحجاز وبغداد، ونجاحه في تشييد سكة حديد بغداد برأسمال ألماني (وبذلك استطاع إدخال ألمانيا إلى قائمة الدول المتنافسة في منطقة خليج البصرة الغنية بالبترول، وضمن عدم اقتراب بريطانيا، وحماية السكة الحديد باعتبار ألمانيا صاحبة امتيازها) كل ذلك أقلق إنجلترا، وأثار عدم ارتياح روسيا، وخلق صلابة في التصميم الأوروبي على ضرورة التخلص من هذا الخليفة الماكر الذي استطاع بدهائه تحييد القوى الأوروبية
موقفه من اليهود .. وخوفه على فلسطين: لما عقد اليهود مؤتمرهم الصهيوني الأول في (بال) بسويسرا عام 1315هـ، 1897م، برئاسة ثيودور هرتزل (1860م-1904م) رئيس الجمعية الصهيونية، اتفقوا على تأسيس وطن قومي لهم يكون مقرًا لأبناء عقيدتهم، وأصر هرتزل على أن تكون فلسطين هي الوطن القومي لهم، فنشأت فكرة الصهيونية، وقد اتصل هرتزل بالسلطان عبد الحميد مرارًا ليسمح لليهود بالانتقال إلى فلسطين، ولكن السلطان كان يرفض، ثم قام هرتزل بتوسيط كثير من أصدقائه الأجانب الذين كانت لهم صلة بالسلطان أو ببعض أصحاب النفوذ في الدولة، كما قام بتوسيط بعض الزعماء العثمانيين، لكنه لم يفلح، وأخيرًا زار السلطان عبد الحميد بصحبة الحاخام (موسى ليفي)و(عمانيول قره صو)، رئيس الجالية اليهودية في سلانيك، وبعد مقدمات مفعمة بالرياء والخداع، أفصحوا عن مطالبهم، وقدَّموا له الإغراءات المتمثلة في إقراض الخزينة العثمانية أموالاً طائلة مع تقديم هدية خاصة للسلطان مقدارها خمسة ملايين ليرة ذهبية، وتحالف سياسي يُوقفون بموجبه حملات الدعاية السيئة التي ذاعت ضده في صحف أوروبا وأمريكالكن السلطان رفض بشدة وطردهم من مجلسه وقال: (( إنكم لو دفعتم ملء الدنيا ذهبا فلن أقبل ، إن أرض فلسطين ليست ملكى إنما هى ملك الأمة الاسلامية، و ما حصل عليه المسلمون بدمائهم لا يمكن أن يباع و ربما إذا تفتت إمبراطوريتى يوما ، يمكنكم أن تحصلوا على فلسطين دون مقابل )) ، ثم أصدر أمرًا بمنع هجرة اليهود إلى فلسطينعندئذ أدرك خصومه أنهم أمام رجل قوي وعنيد، وأنه ليس من السهولة بمكان استمالته إلى صفها، ولا إغراؤه بالمال، وأنه مادام على عرش الخلافة فإنه لا يمكن للصهيونية العالمية أن تحقق أطماعها في فلسطين، ولن يمكن للدولة الأوروبية أن تحقق أطماعها أيضًا في تقسيم الدولة العثمانية والسيطرة على أملاكها، وإقامة دويلات لليهود والأرمن واليونانلذا قرروا الإطاحة به وإبعاده عن الحكم، فاستعانوا بالقوى المختلفة التي نذرت نفسها لتمزيق ديار الإسلام، أهمها الماسونية، والدونمة، والجمعيات السرية (الاتحاد والترقي)، وحركة القومية العربية، والدعوة للقومية التركية (الطورانية)، ولعب يهود الدونمة دورًا رئيسًا في إشعال نار الفتن ضد السلطانيقول السلطان عبد الحميد الثاني في مذكراته عن سبب عدم توقيعه على هذا القرار: "إننا نكون قد وقَّعنا قرارًا بالموت على إخواننا في الدين"أما هرتزل فأكد أنه يفقد الأمل في تحقيق آمال اليهود في فلسطين، وأن اليهود لن يدخلوا الأرض الموعودة (فلسطين) طالما أن السلطان عبد الحميد قائمًا في الحكم مستمرًا فيهكانت صلابة عبد الحميد الثاني سببًا رئيسًا في تأخير مشروع الصهيونية العالمية بإقامة وطن قومي لليهود في فلسطين؛ لذلك سعى اليهود للإيقاع بالسلطان وتشويه صورته أثناء حكمه، وكذلك في التاريخ، وتغلغل بعضهم في جمعية الاتحاد والترقي التي أسقطت السلطان، وكان على رأسهم "عمانويل كراسو
السلطان والأرمن: عاش الأرمن كغيرهم من الأجناس التي ضمتها الإمبراطورية العثمانية، واحتل بعضهم منصب الوزير، وكان تعدادهم داخل الدولة لا يزيد على مليوني شخص. ونصت معاهدة برلين على إجراء إصلاحات لصالح الأرمن في 6 ولايات عثمانية في الأناضول، ولم تكن تبلغ أكبر نسبة لكثافتهم السكانية في أي ولاية أكثر من 20%، إلا أن السلطان رفض تطبيق هذه المادة من المعاهدة؛ فقام الأرمن -بإيعاز من بعض الدول الكبرى- بارتكاب مذابح بشعة ضد المسلمين القرويين، حيث بقروا بطون الحوامل وقتلوا النساء، وقطعوا عورات الرجال وحرقوا المساجد، ولم يجد عبد الحميد بُدًا من مواجهة هذا الإرهاب الصليبي، فشنت بالتالي الصحافة الغربية حملة شعواء عليه ووصفته بالسلطان الأحمركذلك عمل السلطان على تشكيل فرق من الأكراد لحماية المسلمين العزل في الأناضول عرفت بأفواج الخيالة الحميدية. ويقول أحد المؤرخين: "إن هذه السياسة حافظت على الوجود الكردي والمسلم في الأناضول حتى اليوم"لم يكتف الأرمن بإشاعة الفوضى وارتكاب المذابح بحق القرويين، بل قاموا بأعمال شغب في إستانبول نفسها سنة (1313 هـ = 1892م) و(1314 هـ = 1896م)، وقد واجهتها القوات العثمانية بحزم، أما الدول الكبرى فتركت الأرمن لحالهم بعد أن أوقعتهم في الأزمة، فحاول الأرمن جذب انتباه الدول العظمى إليهم فخططوا لاغتيال السلطان عبد الحميد سنة (1323 هـ = 1905م) فيما عرف بحادث القنبلة، لكنهم فشلوا في اغتيال السلطان، ومات بعض الأمراء والجنود، وقبض على المتآمر البلجيكي "جوريس"، لكن السلطان عفا عنه، بل استخدمه في جمع معلومات له في أوروبا
الإتحاد والترقي: الاتحاد والترقي هو أول حزب سياسي في الدولة العثمانية، ظهر عام (1308 هـ = 1890م) كحزب سري يهدف إلى معارضة حكم عبد الحميد الثاني والتخلص منه، وبعدما اكتشف السلطان أمر الحزب سنة (1315 هـ = 1897م) نفى الكثير من أعضائه إلى الخارج، وهرب بعضهم إلى باريس، ثم اجتمع المعارضون لحكم السلطان في باريس في (ذي القعدة 1319 هـ = فبراير 1902م) في مؤتمر أطلقوا عليه "مؤتمر الأحرار العثمانية"، واتخذ قرارات مهمة، منها تأسيس إدارات محلية مستقلة على أساس القوميات، وهو ما يعني تمزيق الإمبراطورية العثمانية، غير أن هذا القرار اعترض عليه بعض الحاضرين في المؤتمر، ثم طالب المؤتمرون من الدول الأوروبية التدخل لإنهاء حكم السلطان عبد الحميد وإقصائه عن العرشافتتح الاتحاد والترقي فروعًا له داخل الدولة العثمانية التحق بها عدد كبير من الضباط الشباب وذوي الرتب الصغيرة، ثم تزايد عدد الضباط حتى قيل إن كل ضباط الجيش العثماني الثالث في البلقان سنة (1326 هـ = 1908م) كانوا منضمين إلى الاتحاد والترقي. وتحالفت الجمعية مع الثوار في البلقان، وأهدرت عصابات البلغار واليونانيين كثيرًا من دماء المسلمين بالاتفاق مع الاتحاديين بغرض هدم النظام الحميدي. وبدأ الاتحاديون في قتل الموظفين العثمانيين الذين لا يتعاونون معهمبعد كثير من الاضطرابات والوقائع قرر السلطان عبد الحميد استئناف تطبيق الدستور في جمادى الآخرة (1326 هـ = يوليو 1908م)، وتولت جمعية الاتحاد والترقي الحكم، وأعلنت تطبيقها لمبادئ الثورة الفرنسيةوالواقع أن تولي الاتحاد والترقي الحكم لم يؤسس الديمقراطية، وإنما تحول النظام إلى حزب واحد وديكتاتورية واحدة حوت جميع العناصر الراغبة في تمزيق الدولة. وكما يقول أحد المؤرخين: "لو كانت المشروطية الثانية نتيجة حركة شعبية، لأمكن تخطي الخطوة الأولى للديمقراطية"، وكان ضباط الاتحاد والترقي يقولون بأن المشروطية الثانية هي ضيعتهم وحدهم دون غيرهم، واقترن إعلان الدستور ببعض الحوادث المؤلمة للدولة العثمانية؛ إذ أعلنت بلغاريا وكريت انفصالهما عن الدولة العثمانية والانضمام لليونان، واستقلت البوسنة والهرسك
حادث 31 مارترأى الاتحاديون ضرورة التخلص من السلطان عبد الحميد وإسقاط حكمه، واتفقت هذه الرغبة مع رغبة الدول الأوروبية الكبرى خاصة بريطانيا التي رأت في ذلك الخطوة الأولى لتمزيق الإمبراطورية العثمانية، وشعر اليهود والأرمن أنهم اقتربوا كثيرًا من أهدافهم؛ لذلك كانت أحداث 31 مارت (هو الشهر الأول من شهور السنة الرومية، ويقابل شهر إبريل، مع فارق بين الشهرين مقداره 18 يوما) ويوافق يوم (21 ربيع أول 1327 هـ = 13 إبريل 1909)؛ حيث حدث اضطراب كبير في إستانبول قتل فيه بعض جنود الاتحاد والترقيوعلى إثر ذلك جاءت قوات موالية للاتحاد والترقي من سلانيك، ونقلت إلى إستانبول، وانضمت إليها بعض العصابات البلغارية والصربية، وادعت هذه القوات أنها جاءت لتنقذ السلطان من عصاة إستانبول، وأراد قادة الجيش الأول الموالي للسلطان عبد الحميد منع هذه القوات من دخول إستانبول والقضاء عليها إلا أن السلطان رفض ذلك، وأخذ القسم من قائد الجيش الأول بعدم استخدام السلاح ضدهم؛ فدخلت هذه القوات إستانبول بقيادة محمود شوكت باشا وأعلنت الأحكام العرفية، وسطوا على قصر السلطان وحاولوا الحصول على فتوى من مفتي الدولة بخلع السلطان لكنه رفض، فحصلوا على فتوى بتهديد السلاحواتهم المتآمرون الثائرون السلطان بأنه وراء حادث 31 مارت، وأنه أحرق المصاحف، وأنه حرّض المسلمين على قتال بعضهم بعضًا، وهي ادعاءات كاذبة كان هدفها خلع السلطان عبد الحميد، وأعلنوا عزلهندب الثائرون أربعة موظفين لتبليغ السلطان بقرار العزل، وهم: يهودي وأرمني وألباني وجرجي، وهكذا أخذ اليهود والأرمن ثأرهم من عبد الحميد الثاني. واعترف الاتحاديون بعد ذلك بأنهم أخطئوا في انتخابهم لهذه الهيئةتنازل السلطان عبد الحميد الثاني عن العرش لأخيه محمد رشاد في (6 ربيع آخر 1327 هـ = 27 إبريل 1909م)، وانتقل مع 38 شخصًا من حاشيته إلى سلانيك بطريقة مهينة ليقيم في المدينة ذات الطابع اليهودي في قصر يمتلكه يهودي بعدما صودرت كل أملاكه وأمواله، وقضى في قصره بسلانيك سنوات مفجعة تحت رقابة شديدة جدًا، ولم يسمح له حتى بقراءة الصحف
وفاته رحمه الله : تُوفِّي السلطان عبد الحميد الثاني في (28 ربيع آخر 1336 هـ = 10 فبراير 1918م) عن ستة وسبعين عامًا، واشترك في تشييع جنازته الكثير من المسلمين، ورثاه كثير من الشعراءوقام برثاءه أمير الشعراء أحمد شوقي بقصيدة جميلة حيث قالضجت عليك مآذن ومنابر .. وبكت عليك ممالك ونواحالهند والهة ومصر حزينة .. تبكي عليك بمدمع سحاحوالشام تسأل والعراق وفارس .. أمحا من الأرض الخلافة ماحنزعو عن الأعناق خير قلادة .. ونضوا عن الأعطاف خير وشاحمن قائل للمسلمين مقالة .. لم يوحها غير النصيحة واحعهد الخلافة فيه أول ذائد .. عن حوضها بيراعه نضاحإني أنا المصباح لست بضائع .. حتى أكون فراشة المصباحكما رثاه شاعر العراق جميل صدقي الزهاوي، بقصيدة عن العهد الحميدي قال فيهاوقد بعث الله الخليفة رحمة .. إلى الناس إن الله للناس يرحمأقام به الديان أركان دينه .. فليست على رغم العدى تتهدموصاغ النهى منه سوار عدالة .. به إزدان من خود الحكومة معصموكم لأمير المؤمنين مآثر .. بهن صنوف الناس تدري وتعلمويشهد حتى الأجنبي بفضله .. فكيف يسيء الظن من هو مسلمسلام على العهد الحميدي إنه .. لأسعد عهد في الزمان وأنعمفي جنازة السلطان قال رضا توفيق وهو أكبر معارضي السلطان عبد الحميدعندما يذكر التاريخ اسمك يكون الحق في جانبك ومعك أيها السلطان العظيمكنا نحن الذين افترينا دون حياءعلى أعظم سياسي العصرقلنا: إن السلطان ظالم، وإن السلطان مجنونقلنا لا بد من الثورة على السلطانوصدقنا كل ما قاله لنا الشيطان